دور وأهمية الآثار في كتابة التاريخ الوطني
فهرس المقال
الملتقى الوطني الثالث حول :
دور وأهمية الآثار في كتابة التاريخ الوطني
في إطار النشاطات العلمية والثقافية التي تقوم بها كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية بجامعة الجزائر2، نظم معهد علم الآثار الملتقى الوطني الثالث حول دور وأهمية الآثار في كتابة التاريخ الوطني وذلك يومي 16و17 جانفي 2013 في الساعة التاسعة صباحا بقاعة المحاضرات الكبرى بجامعة الجزائر2 (بوزريعة).شارك فيه مجموعة من الأساتذة والباحثين من مختلف الجامعات على المستوى الوطني.
تمحورت إشكالية الملتقى حول علاقة الآثار كمادة بكتابة التاريخ الوطني التي تعتبر في حد ذاتها دعوة للمختصين في هذا المجال لكتابة التاريخ عن طريق استغلال المخلفات المادية للحضارة الإنسانية. تضمن برنامج الملتقى مجموعة من المحاور نذكر من بينها دور آثار الجزائر وأهميتها في كتابة التاريخ الحضاري للإنسانية، الآثار مصادر حية لكتابة التاريخ الوطني ( مسكوكات – كتابات- فخار ..)، أهمية المحافظة على التراث الأثري ، التراث الأثري في القوانين الوطنية والمراسيم الدولية .
ويهدف هذا الملتقى إلى إبراز التراث الأثري المتنوع الثابت منه والمنقول للجزائر وفق العصور ومحاولة توظيفه كمادة حية لكتابة التاريخ الوطني، مع العمل على المحافظة عليه وتثمينه القوانين الوطنية والمراسيم الدولية لاستغلاله في المجالات الحيوية للبلاد.
ألقى السيد عبد الكريم عزوق مدير معهد الآثار كلمة افتتاحية ذكر فيها " ...إن هذا الملتقى الوطني دعوة لكتابة التاريخ الجزائري من مختلف الحقب عن طريق استغلال الآثار المادية ، وحتى نكتب تاريخا متميزا ذا مصداقية لابد من الرجوع إلى الحفريات الأثرية كوسيلة لاستخراج ما بباطن الأرض من آثار متنوعة تستغل من الناحية العلمية، تدرس وتثمن ليعاد لها الاعتبار حتى تصبح مصدرا من مصادر كتابة التاريخ. إننا في حاجة ماسة إلى مثل هذه الملتقيات وهو مطلب كل الباحثين في مجالي التاريخ والآثار ، حيث تسمح بربط العلاقات مابين الباحثين، كما تسمح أيضا بالتعرف على نتائج البحوث في مختلف مناطق وجامعات ومراكز البحث، كما تعتبر منبرا من المنابر الحقيقية للتقييم والتثمين العلمي ."
كما تفضل الدكتور محمد ميرود نائب رئيس الجامعة المكلف بالبيداغوجيا بكلمة .صرح فيها " ...أعتقد أن هذا الملتقى جاء ليزيل الغبار عن أشياء ثمينة تتوفر عليها الجزائر والمجتمع الجزائري، لأن الآثار والاهتمام بها ربما لم يتماش مع الكم الهائل من الآثار التي تختزنها الجزائر، فكثيرا منها يحتاج إلى توظيف البحث وتثمين الجهود التي يبذلها أساتذة معهد الآثار والذين أثبتوا في كثير من المرات أنهم بإمكانهم تعريف المجتمع الجزائري وتعريف العالم بما تمتلكه الجزائر سواء تعلق الأمر بالآثار القديمة أو آثار الثورة الجزائرية التي مازلنا نكشف عن آثارها إلى يومنا هذا"
أعلن السيد نائب رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عبيد عبد الرزاق المكلف بما بعد التدرج والبحث العلمي باسمه وباسم رئيس الجامعة الدكتور عبد القادر هني عن افتتاح الرسمي لأشغال للملتقى بعد أن أوضح في كلمته "...إنني أثمن العلاقة التي قام بها معهد الآثار بفتح المجال لباحثين من قسم التاريخ للمشاركة في مثل هذه التظاهرات العلمية نظرا للتقارب الموجود بينهما، ولابد ان نصل إلى تعاون بين مختلف التخصصات بالجامعة ، وتقاطع العلوم مع بعضها البعض لتحقيق هذا التكامل، لان هذه التخصصات لايمكن فصلها عن بعضها البعض ."
بعدها مباشرة قدم الأستاذ الدكتور محمد البشير شنيتي محاضرة افتتاحية تحت عنوان "التراث الأثري: إرث وأمانة". فتحت بعدها مباشرة الجلسة الأولى التي احتوت على خمس مداخلات والأولى كانت للنقيب لعربي مجاهد، أوضح من خلالها دور الدرك الوطني في الحفاظ على الممتلكات الثقافية متطرقا إلى عدة نقاط نذكر من بينها الأساليب الإجرامية المتبعة للمساس بالتراث الثقافي. كما أوضح بعض النماذج من القضايا المعالجة من طرف وحدات الدرك الوطني وتحدث كذلك عن تطوير أساليب الحماية والمكافحة.
تلت هذه الأخيرة مداخلة الدكتور سلاطنية عبد المالك وتناولت أهمية التراث المرتبط بتاريخ الثورة التحريرية ودوره في الحفاظ على الذاكرة و الهوية الوطنية. أما الدكتورة شايد يسمينة فقد شاركت بمداخلة تحمل عنوان "قراءة جديدة لبعض الجثث باستعمال قواعد علم الآثار الجنائزي.
انطلقت الجلسة الثانية برئاسة الدكتورة يسمينة شايد سعودي. وكانت أول مداخلة للدكتور عقاب محمد الطيب. حدثنا من خلالها عن مكانة العمارة الدفاعية الجزائرية بالنسبة للحضارة الاسلامية. وزكز على أهمية العمارة الدفاعية لمدينة الجزائر في الفترة العثمانية خاصة وما امتازت به من خصوصيات في عمارة الحضارة الإسلامية.
تهديم الفرنسيين دار الإمارة (دار الجنينة) بمدينة الجزائر ( دراسة تاريخية أثرية) كان عنوان مداخلة الدكتورة لطيفة بورابة ، أشارت فيها إلى أن دار الجنينة تعد من أقدم المباني في مدينة الجزائر بعد جامع المرابطين(الجامع الأعظم).وكانت تقع في مركز المدينة، وبجوارها معظم الدوائر الحكومية.وأضافت أن الإدارة الاستعمارية أدركت أن إزالة دار الإمارة يعني إزالة مركز المدينة لأن بعض التكوينات المعمارية في المدينة الإسلامية ترتبط ارتباطا واضحا بالوظيفة السياسية ومن هذه التكوينات دار الإمارة.
وفي اليوم الثاني من الملتقى قدم الدكتور بن نعمان الاسماعيل من جامعة الجزائر2 معهد الآثار مداخلة تحت عنوان "قصبة مدينة دلس : تراث في حاجة إلى تثمين "، حيث ذكر أن مدينة دلس تعتبر من المدن الأثرية الجزائرية التي مازالت تمتلك مخزونا تراثيا يبين جانبا هاما من التراث المعماري و الفني للجزائر، وتبرز مكانتها في كونها مركزا مهما بالنسبة لمختلف القرى التي كانت محيطة بها في جبال منطقة القبائل الكبرى.
ونذكر من بين المداخلات كذلك مداخلة الأستاذة مريم بقدور التي تحدثت فيها عن أهمية السكة في إثراء التاريخ الوطني والتي خلصت إلى ان السكة أدت مهمة نبيلة تمثلت في نقل الأفكار والثقافات بين الشعوب، كما أنها وفرت كما هائلا من المعلومات للمؤرخين للكشف عن الحقائق التي لم تستنتج من الآثار و المعالم الأخرى. في حين قدم الدكتور حمزة محمد الشريف مداخلة بعنوان صيانة وترميم فسيفساء منزل اللبؤة بلماز.أما الدكتورة ابرهيمي فائزة من جامعة تلمسان تحدث عن التوجهات الإستراتجية للمحافظة على التراث الأثري. ومن جامعة سطيف شارك الدكتور السعيد خاشة بمداخلة تحت عنوان "دراسة مجتمع كويكول من خلال الكتابات اللاتينية خلال الفترة الرومانية متطرقا إلى العائلات الكبرى لمجتمع كويكول.
اختتم الملتقى في يومه الثاني وبعد اجتماع اللجنة التي ضبطت مجموعة من التوصيات المتمخضة من أشغال الملتقى وهي كالآتي:
- العمل على إبراز التراث الأثري للجزائر في كتابة التاريخ الحضاري للإنسانية.
- توسيع مجال التنقيب الأثري عبر التراب الوطني كمصدر للكتابة التاريخية.
- تأسيس بنك معلوماتي للباحثين في التراث الأثري، كل في إختصاصه لمعالجة و دراسة الإشكاليات التاريخية و ذلك للتعريف بالحضارات التي عرفتها البلاد وتقديمها لمختلف شرائح المجتمع.
- نقل الثقافة الأثرية للمجتمع بٕإقامة تظاهرات علمية في هذا الشأن.
- الاهتمام بآثار المقاومة الوطنية و آثار الثورة التحريرية كمصدر لكتابة تاريخ الثورة.
- ضرورة توسيع مجال الاهتمام بالمخطوطات كمصدر مادي لكتابة التاريخ من حيث المحافظة عليها و تصنيفها و فهرستها و تحقيقها.
- تنسيق الجهود ما بين المختصين في مجال الآثار و التاريخ و مخابر البحث عبر الوطن في مجال البحث الثري.
- العمل على نشر الثقافة الأثرية لدى المجتمع و التحسيس بقيمة آثار الجزائر عبر العصور و التعريف بها و العمل على المحافظة عليها
- العمل على حماية التراث الوطني حماية قانونية وفق ما يمليه قانون 04.98 المتعلق بحماية التراث الثقافي.
- تكوين خلية إتصال على مستوى معهد الآثار، الهدف منها متابعة أوضاع إكتشافات الآثار عبر الوطن و تسليط الضوء على الوضعية التي توجد عليها معظم الآثار.
- العمل على وقف استنزاف الذاكرة الوطنية من خلال شبكات تهريب الآثار و ذلك بالتنسيق بين مختلف الجهات المعنية، الدرك الوطني، الأمن الوطني و الجمارك و الجامعة و مختلف مصالح وزارة الثقافة.
وعلى هامش الملتقى الوطني، نظم معهد الآثار ببهو قاعة المحاضرات الكبرى معرضا متحفيا للآثار. شمل هذا الأخير مجموعة من المخلفات المادية للحضارة الجزائرية من مواقع ومعالم أثرية التي تعكس مختلف الحقب التاريخية التي مرت بها الجزائر.كما ضم بعض اللافتات التوضيحية لنتائج أعمال التنقيب الأثرية التي يقوم بها معهد الآثار و بعض المجسمات لمختلف المعالم والتحف الفنية من إنتاج الطلبة.
أعدت التغطية ليلى أوهيب